• ٢٥ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٣ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

كلاهما البطل.. فلم الصراع؟

د. هناء علي حسن مصطفى

كلاهما البطل.. فلم الصراع؟
قال الله تعالى فى كتابه الكريم وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴿٢١﴾ [الروم: 21]. إنها آية عظيمة لا نزال نكتشف أسرارها يوماً بعد يوم. فالذي يتأمل هذه الآية يدرك أهمية العطف والرحمة والمودة بين الزوجين مؤكداً انّ الزواج رِباطٌ دائم، وإذا كان الواقع الذي نعيشه لا يتحقق فيه ما جاء فى كتاب الله الكريم في ظل مانلمسه من خلافات وصراعات زوجية له تأثير سلبي على الأسرة وعلى المجتمع فهذا يرجع إلى غفلة كلّ من أدم وحواء عن تلك المعانى النبيلة التى ترسخ العلاقة بين الزوجين والسبب انّ العلاقة بينهما تحولت إلى صراع دائم بحثاً عن البطولة المنفردة، صراع من أجل السيادة.. صراع على فرض السيطرة وإلغاء الآخر. وقد غفل عنهما انّ هذه القصة تختلف عن كلِّ الروايات الأخرى فشخصية البطل فى هذا القصة لابد أن يلعبها كلّ من أدم وحواء معاً فكلاهما يعد بطل للقصة ودور كلّ منهما يكمل الآخر حتى تكتمل فصول الرواية بالشكل الذي يحقق السعادة التى يبحث عنها الزوجان... فلما الصراع الدائم بينهما؟ فهما من سطروا فصول روايتهم منذ البداية وهما من اخرجوا قصتهم فهما البطل.. والكاتب.. والمخرج فى آن واحد.. ولكن على مدى المشوار الذي رسم بأقلامهما معاً كان الطريق هو الصراع المستمر بين الزوج والزوجة، وقد يصل الأمر إلى حالة من التوتر الدائم! واشتعلت العلاقة تحت نيران المنافسة على دور البطل وظهرت لنا معالم للحياة الزوجية مليئة بالمشاكل والخلافات الزوجية فهل من الممكن أن يعيد أدم وحواء حساباتهم مرة أخرى ويتفقدوا رواياتهم من البداية وتوزع الأدوار تحت قناعة منهما انّ البطولة المنفردة ليس لها مجال في الحياة الزوجية؟!.. فنداءنا لأدم وحواء معاً أن يتذكروا قصتهم ويعيدوا السيناريو بإخراج جيد مع العلم انّ كلاهما البطل للقصة ولا محل للصراع هنا حتى تتحقق السعادة الزوجية بينهما. فعليهما أن يعيدا التفكير ويتذكرا انّها ليست مباراة نبحث فيها عن الفائز والخاسر فهذه المبارة الوحيدة التي تكون نتيجتها إما المكسب للجميع أو الخسارة للجميع... وأختم رسالتي بمناشدة حواء أولاً لأنّ الدراسات تؤكد أنّ النساء أكثر قدرة على التحمل والصبر من الرجال، فلتبدأي أنتِ، ولتجعلي زمام الأمور بيدكِ أنتِ من خلال قلب ينبض بعطف وحبّ ومشاعر تمتلكيها بفضل من الله عليك -أما أنتَ يا أدم فماذا عليكَ إذا تكلمت كلمة طيبة؟ ولو تكلفت فيها وإن كان فيها شيء من الكذب المباح؟ (فقد رخص رسول الله (ص) من الكذب في ثلاث: في الحرب، وفي الإصلاح بين الناس، وقول الرجل لامرأته) وأين حكمتك وعقلك فى معالجة الأمور؟!... وأذكركم مرة أخرى انكما بطلا الحياة الزوجية معاً فلتتنافسوا على إنجاحها لا على الصراع على دور البطل فيها! سائلين الله عز وجل أن يؤلف بين قلوب أزواجنا وأن يرزقهم المودة والرحمة لننعم بمجتمع أفضل إن شاء الله.

ارسال التعليق

Top